الإشتغالة هي الوصف المصري الدارج للمقلب العملي شديد البراعة الذي يكاد لا يفرق بينه وبين الحقيقة. في العام الماضي أثبتت مصر أم الدنيا أن الإشتغالة يمكنها أن تصل حداً غير مسبوق في البراعة والإنتشار والتأثير.
7- ياللا ندهن الرصيف
come on lads, let’s paint our country pink!
لم يقدم مبارك إستقالته قط، فقط بعد يوم كامل من التشويق والشحتفة ظهر عمر سليمان بصلعته البهية وقت إقامة صلاة المغرب ليعلن أن مبارك “كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد”، ولم يكن هذا وقت لغويات؛ فقد كان الجميع بلا إستثناء شبقاً لأي نصر، وكان هذا كافياً لأن تقنع الآلة الإعلامية المصرية جموع الجماهير في ميادين البلاد إلى الإنسحاب و”تنظيف” الشوارع من مخلفاتهم. انتشرت البروباجاندا القومية بسرعة أن هذا هو الشعب المصري الجبار الذي يعيد طلاء الميدان بعد أن فرغ لتوه من ثورة، وكان الشباب نهماً لفعل أي شئ يخدم به البلد بعد أن شعر أنه يستطيع إزاحة الفراعنة، فكانت النتيجة يومها مئات الصور على الفيسبوك لفتيان وفتيات يمسكون مقشات وجرادل، بينما كان “بابا وعمو” يتولون إدارة البلد التي خربها هؤلاء العيال بشقاوتهم.
*
6- كف الفنجري
We come in peace
شغل كف الفنجري مصر أشهراً طويلة، مرة بتحية ومرة بإصبع. كانت تحية الفنجري للشهداء هي أكبر إنجاز تحققه الشئون المعنوية في ذلك الوقت منذ حرب 73، دغدغت مشاعر الجميع إذ شاهدوا التليفزيون المصري الذي يطفح سماً طوال الوقت في لحظة درامية ينقلب ليقول لهم “عزيزي المواطن، انت في القلب”. ابتلعها الشعب وفرح بها في كل مكان، ثم استمرت الدراما لتجعل من هذه الصورة علامة يُعرف بها أعداء الثورة من الأفاتارات والبانرات واللافتات في تجمعاتهم.
*
5- محاكمة القرن
Arab idol
تحركت القضايا فجأة ضد المخلوع بعد رسالة صوتية له يزعم فيها أنه طيب زي كمال أبو رية ومحمود الجندي. وأقنعت الآلة الإعلامية المصرية جموع الجماهير بأن من حق الكبير يتدلع، وأن هدف رؤية المخلوع في قفص قد تحقق بالفعل، فلا نشغلن بالنا بما يحدث بعد ذلك.
*
4- لن ننافس على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان
kiss me, I’m brother muslimhood
ظلت جماعة الإخوان لشهور تردد في ملل أنها لن تنافس على أكثر من ثلث مقاعد البرلمان لأنها تريد “مشاركة لا مغالبة”، حتى أنها أصابت خصومها بالدهشة، ثم ظهرت نتائج الإنتخابات لتثبت أنهم غير بارعين في الرياضيات عموماً.
*
3- رفضنا أوامر بإطلاق النار
you want the truth?! you can’t handle the truth!!
أخذت الآلة الإعلامية المصرية تلقن الشعب هذه “الحقيقة” ليلاً نهاراً لدرجة أن أحد سائقي التاكسي أخذ يحكي لي في حماسة عن كيف أمسك سامي عنان الطبنجة في وجه مبارك وصاح “مش هاضرب يا ريس”، حسناً .. يبدو أن طنطاوي لم يكن حاضراً وقتها.
*
2- سنسلم السلطة في 6 أشهر
we did! to ourselves!
لفترة أيضاً استمرت هذه الجملة حقيقة علمية لا تقبل التشكيك، ثم اتضح للجميع أن المجلس العسكري كان يقصد سلطة خضار ربما.
*
1- الإستفتاء العظيم il grande referendum
المتابع لحجم النقاشات الدائرة في المجتمع المصري وقتها سيدرك أن الإستفتاء بلا شك هو أحد أكبر الإشتغالات البارعة في التاريخ المعاصر؛ انقسمت الأسر داخل البيوت وفرقت التعديلات بين الإب وابنه والزوج وزوجته، وانشغل الشباب المسكين بعمل إنفوجرافيك يغطي مجلدات حول مستقبل مصر إلى يوم القيامة إذا ما اخترت نعم او لا، وأفردت الفضائيات مئات الساعات حول شكل زوجة الرئيس وقدسية المادة الثانية، ثم .. رمى المجلس التعديلات في التواليت وأكمل طريقه ومات الجميع.